الجمعة، 26 أكتوبر 2018

موقف الإسلام من الإنترنت وأخلاقيات التعامل مع المجتمع الإلكتروني




  
قد وضع لنا الإسلام ضوابط في الحياة نستنبط منها قواعد التعامل مع الإنترنت:  (
1-    ضبط حرية الإنسان:
       الله عز وجل لم يترك عباده ليعيشوا هملًا ويتصرفوا بلا ضابط أو نظام } وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين { ( الدخان:38) بل أخضع الله سبحانه وتعالى ذلك كله لمجموعة من السنن لتحكم مسيرة هذا الخلق } وخلق كل شىء فقدره تقديرًا{ ، وتقوم الحرية الحقيقية على إعمال العقل، والتحسب، والتخطيط، وطرح البدائل، والاستعداد لتحمل المسئولية التي تترتب على ما يتم من اختيارات.
وقد وضع الإسلام في ذلك قاعدة عامة تحكم العلاقات بين الناس في هذا الصدد في أنه "لا ضرر ولا ضرار" 
( رواه ابن ماجة في سننه، 2015، 353، كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، ح 2340)
            وقد قدم الرسول صلى الله عليه وسلم مثلا بضبط حرية الجماعة حتى لا تتجاوز حرية الآخرين، فقال صلى الله عليه وسلم: " كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: " لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن اخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا " (رواه البخاري في صحيحه، 2002، 604، كتاب الشركة، باب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه، ح 2493)
        ومن ضبط الحرية ضبط اللسان فعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قلنا يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال: " من سلم المسلمون من لسانه ويده" (رواه النسائي في سننه الكبرى، 1996، 759، كتاب الإيمان وشرائعه، باب أي الإسلام أفضل، ح 4999 )، ويقول صلى الله عليه وسلم: " ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت"( البخاري في صحيحه، 2002، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان،1611، ح 6475)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" ( رواه ابن ماجه في سننه، 2015، كتاب الزهد، باب البغي، ، 653، ح 4213)،  فهذا  يدل على تحريم السخرية والاستهزاء بالآخرين مما يبين سمو الإسلام واعترافه بحق الآخرين وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات:11)

المعاني:
 لا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ : لا يَعِبْ و لا يَطعَن بعضكم بعضا
لا تنابزوا بالألقاب: لا يدعون بعضكم بعضا بلقب يكرهه، ومنه يا فاسق يا كافر



2-    مصداقية المعلومات:
     قال تعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ { ( التوبة: 19)، فالآية توجب الصدق في الأقوال والأفعال، وهي دالة على فضله وكمال درجته.
ويؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم التزام الصدق حتى يصبح سجية لدى الإنسان، ويصبح به صديقا، قال :" إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا" ( رواه مسلم في صحيحه ، كتاب البر والصلة والآداب، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله،567، ح 2607) والإنسان الصادق ينطق بالصدق في كل حال بتلقائية متفاعلة مع ذاته.
3-   
التثبت في نقل المعلومات والأخبار :

قال عز وجل: {يَا أَيُّھَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَھَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات: 6)
    
       إن التثبت من كل خبر، ومن كل ظاهرة قبل الحكم عليها، هو دعوة منهج التربية القرآني والنبوي، والذي لا يأخذ العقل وحده بالتحرج في أحكامه والتثبت في استقرائه، إنما يصل بالقلب في خواطره وتصوراته، وفي مشاعره وأحكامه أيضًا، فلا يقول اللسان كلمة، ولا يروي حادثة، ولا ينقل رواية، ولا يحكم العقل حكمًا إلا وقد تثبت من كل جزئية ، ومن كل ملابسة، ومن كل نتيجة فلم يبقى هنالك شك ولا شبهة في صحته. سبحانه وتعالى أمر بالتثبت من المعلومات والأخبار والأحاديث، ونھى أن يقول الإنسان شيئًا غير صحيح أو غير ثابت، أو يتبع شيئًا معتمدًا على مجرد التخمين وسوء الظن، فھذا عيب في السلوك، وتشويه للحقائق، وإضرار بالآخرين عن غير حق، وإھدار لقدسية العلم والحقيقة؛ وبذلك لا يصح ما يُرى من تلاعب في نقل الأخبار والحوادث من خلال انتقاء بعض الكلام ليدلل به على فكرته التي يتبناها، وهو بهذا الأسلوب أشبه بمن يستشهد بجزء من آية } ولا تقربوا الصلاة{  دون أن يكمل باقي قوله تعالى }...... وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقول...{  
4-    احترام اللغة العربية:
     إن للغة العربية منزلة لا تضاهى، فهي اللغة التي اختارها الله لتكون لغة لكتابه الكريم، كما قال الله تعالى: } إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا{ (الزخرف: 3وهي اللغة التي اختارها الله لتكون لغة كتابه الكريم، كما قال الله لتحمل خاتمة الرسالات السماوية إلى كافة البشرية، وهي اللغة التي افتخر بالانتساب إليها سيد الأولين والآخرين حينما قال : " أنا أفصح العرب، بيد أني من قريش" .
5-    المحافظة على الوقت:
      ويُعدُّ الوقت قيمة من القيم الحضارية الأساسية التي نبه إليھا الدين، وحض على الالتزام بھا وحُسن التصرف، وقد أقسم لله بالوقت في العديد من آيات القرآن الكريم ليبين مدى أھميته البالغة في حياة الإنسان، وقد جاء القسم في ھذه الآيات بالفجر وبالضحى وبالعصر وبالليل والنھار، وكلھا تمثل أجزاء من الوقت، يقول لله عز وجل: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (العصر: 1)، وتأكيدًا على أھمية المحافظة على الوقت يُخبر النبي صلى لله عليه وسلم بأن الإنسان سيسأل عنه يوم القيامة: " لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاه ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ
 وَفِيمَ أَنْفَقَه ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاه".

6-    الالتزام بخلق الحياء:
        ويُعدُّ خُلُق الحياء رأس مكارم الأخلاق، وشعار الإسلام؛ فالمسلم عفيف حييّ، والحياء خلق له، فعن ابن عباس قال: قَالَ رَسُولُ للهِ صَلَّى للهُّ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَإِنَّ خُلُقَ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ "، والحياء من الإيمان والإيمان عقيدة المسلم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الإيمان بضع وسبعون – أن بضع وستون – شعبة فأفضلها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان، ويقول:" الحياء والإيمان قرناء جميعًا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر" وسر كون الحياء من الإيمان في أن كل منهما داعِ إلى الخير صارف عن الشر مبعد عنه (أبو بكرالجزائري، 2004، 128)
       ولعل أبرز ما يدعو الإنسان إلى الحياء أن يتأمل جيدًا قوله عز وجل:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (غافر: 19 )، أي إن لله يعلم النظرة الخائنة التي ينظرھا العبد إلى المحرَّم، ويعلم ما تُسِرّه الضمائر من أمور خيٍّرة أو شريرة، وھذا يعني أن علم لله تام محيط بجميع الأشياء، صغيرھا وكبيرھا، ليحذر الناس علمه فيھم، فيستحيوا من لله حق الحياء، وكذلك قوله جل جلاله: {إِنَّ للهَّ كَانَ عَلَيْكُمْ رَ قِيبًا} (النساء: 1)، وقال جل جلاله: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (الإسراء {36:، وبذلك إذا وجدنا في أي موقع ما يعارض ديننا وحيائنا نخرج منه فورًا.






من الضوابط السابقة استنبطي أخلاقيات التعامل مع الإنترنت، وقدَّمي الحل عزيزتي الطالبة على منصة الإدمودو من خلال تسجيل الدخول على الإدمودو، وقراءة المنشور   انقر هنا







0 التعليقات:

إرسال تعليق