الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018

التعامل مع غير المسلمين في ضوء القرآن والسنة النبوية




    

  مع مرور الزمن اختلط على بعض الناس الأمور في كيفية التعامل مع غير المسلمين،  فمنهم من يهجرهم ويقاطعهم ويجافيهم في التعامل ويعاديهم، ومنهم من يبرهم ويساويهم بإخوانه المسلمين في التعامل، مما جعل من الضرورة توضيح ذلك، من خلال استقراء التوجيهات الربانية في القرآن الكريم من رب العالمين لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ومن خلال سيرته العطرة لنعرف الأحكام الشرعية في التعامل معهم.

كيفية التعامل مع غير المسلمين في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية:

قد لخص الله لنا كيفية تعاملاتنا مع غير المسلمين بأقسامهم في قوله تعالى:
(لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)]الممتحنة،8 ، 9)

      فيقول لنا سبحانه وتعالى في هذه الآية أن غير المسلمين قسمين : 
1-  من ليس بهم خطورة على ديننا: فلا هم قاتلوا المسلمين ولا أخرجوهم من ديارهم، وهؤلاء لا حرج على المسلمين في أن يبروهم ويقسطوا إليهم، والبر هو الإحسان إليهم بالمال وغيره، والقسط هو العدل.
2-    من قاتل المسلمين وأخرجوهم من ديارهم: وعاونوا من أخرجهم من ديارهم على إخراجهم أن يولوهم، فيكونوا لهم أولياء ونصراء.
والنوع الأول هو المقصود في هذا الدرس، وقد جعل الإسلام لغير المسلمين حقوق يجب أن تؤدى إليهم، ومن هذه الحقوق:

1-    حفظ كرامتهم الإنسانية:
إن ديننا دين العز والكرامة بعيد عن الإهانة، فيُكرِّم النفس الإنسانية بصفة عامة، وهذا الأمر على إطلاقه وليس فيه استثناء بسبب لون أو جنس أو دين :
}وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا{ (الإسراء:70)

فهذا التكريم عام وشامل للمسلمين وغير المسلمين فالجميع يُحمَل في البر والبحر والجميع يرزق من الطيبات، والجميع مفضل على كثير من خلق الله.
ومن المحافظة على كرامة غير المسلمين:

أ‌-        حقهم في مراعاة مشاعرهم ومجادلتهم بالحسنى امتثالًا لقول الله تعالى:
}وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ { (العنكبوت: 46)

ب‌-  حرم على المسلمين أن ينالوا من الآلهة التي يعبدها المشركون بالسب:

        وذلك حتى لا يؤدي بهم إلى النيل من الله الإله الحق، وفي ذلك تكريم للإنسان، فاحترام شعور الإنسان نحو الأشياء التي يقدسها احترامًا لكرامته، فلو سمع المشركون شتم آلهتهم من المسلمين لجرهم ذلك إلى شتم الله عزَّ وجلّ، وهم لا يريدون ذلك لأنهم يعتقدون بوجود الله سبحانه وتعالى وإن كانوا لا يدينون بالتوحيد، فإذا تبادلوا الشتائم جرح كل فريق شعور الآخر وذلك يتعارض مع كرامة كلا الفريقين، قال تعالى:
}وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ (الأنعام: 108)

      ومن مظاهر مراعاة كرامة غير المسلمين في السنة النبوية:
أن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام فقيل له إنها جنازة يهودي فقال أليست نفسا وقال أبو حمزة عن الأعمش عن عمرو عن ابن أبي ليلى قال كنت مع قيس وسهل رضي الله عنهما فقالا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وقال زكريا عن الشعبي عن ابن أبي ليلى كان أبو مسعود وقيس يقومان للجنازة" (رواه البخاري في صحيحه، 2001، كتاب الجنائز، باب من قام لجنازة يهودي، 317، ح 1312) ، بل وقد طال وقوف الرسول صلى الله عليه وسلم حتى اختفت الجنازة، ففي حديث " قام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لجنازة يهودي حتى توارت" ( رواه مسلم في صحيحه، 2015، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، 426، ح80)إنه الاحترام الحقيقي للنفس البشرية.
2-    معاملتهم بالعدل:




إن الله سبحانه وتعالى جعل الموازين الدقيقة ليقوم الناس بالقسط، ويحذروا من الوقوع في الجور والظلم، قال تعالى:
}وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ  أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ  وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ { الرحمن (9:7)، وقال تعالى:
}لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ{ (الحديد: 25 )
ولقد أمرنا الله بالقسط في كل حال حتى مع وجود البغض بين الحاكم والمحكومين فلا يظلمهم بغضًا فيهم، فقد قال تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) ]المائدة: 8[
ومن الأمثلة التطبيقية على ذلك :
      أن رجلًا من الأنصار يقال له: ( طعمة بن أُبَيْرِق) أحد بني ظفر بن الحارث سرق درعًا من جار له يقال له: (قتادة بن النعمان)، وكان الدرع في جراب فيه دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب، حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق، ثم خبأها عند رجل من اليهود، يقال له ( زيد بن السمين) فالتمست الدرع عند طعمة، فلم توجد عنده، وحلف لهم: ما أخذها، وما لهم بها من علم، فقال أصحاب الدرع: "بلى والله، قد أدلج علينا، فأخذها، وطلبنا أثره حتى دخل داره، فرأينا أثر الدقيق"، فلما أن حلف تركوه، واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي، فأخذوه، فقال: "دفعها إليَّ طعمة بن أبيرق" وشهد له ناس من اليهود على ذلك، فقالت بنو ظفر، وهم قوم طعمة: " انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلموه، وسألوه أن يجادل عن صاحبهم، وقالوا إن لم تفعل هلك صاحبنا، وافتضح أمره، وبرئ اليهودي، فهمَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعاقب اليهودي، فأنزل الله آيات في براءة اليهودي وفي تعنيف من حاولوا اتهامه ظلمًا، تُتلى في كتابه العزيز في كل حين ، حيث قال تعالى:

 إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109){ ( سورة النساء 105-109)


        هكذا أنزل الله هذه الآيات البينات كي يظل العدل منهاجًا للمسلمين لا يحيدون عنه مع الناس جميعًا مسلمين كانوا او غير مسلمين دون أية تفرقة، كذلك من حقوقهم حرية المعتقد وحرية ممارسة شعائرهم، وحمايتهم من المعتدين، وحفظ دمائهم وأموالهم وأعراضهم، والعيش بأمن وأمان ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبر بهم ويعود مرضاهم لدعوتهم للدخول في الإسلام لإنقاذهم من النار، وكان يبر بمن يأذيه من غير المسلمين.

المحافظة على عقيدة الولاء والبراء:

إننا في التعامل مع غير المسلمين يجب أن نعاملهم معاملة حسنة،  ولكن من الضروري والواجب الشرعي أن نحافظ على عقيدة الولاء والبراء التي أُمِرنا بها، وهي عقيدة ثابتة ومن غيرها لا يستقيم دين الفرد، قال تعالى:
} لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم{  ( المجادلة: 22)
 إننا أُمِرْنا بالبر والتسامح مع الكفار والبراء منهم ، لا التساهل والولاء بهم، وهنا يجب أن نفرق بين:  "الولاء والبراء" ، و"البر والتسامح". ( محمد الشريف، 2003، 48)
الأمر الأول: الولاء يكون للمسلمين فقط، وهو هنا بمعنى النصرة والمعاونة، والبراء يكون من الكافرين بشتى مللهم وطوائفهم، ويعني التبرؤ من دينهم وما هم عليه من الكفر.
الأمر الآخر: البر والإحسان مع أهل الكتاب وغيرهم الذين ليس بيننا وبينهم حرب، ويعيشون معنا، أو نعيش معهم في بلادهم، وهذا لا يعني زوال الأمر الأول أو عدم الأخذ به.

ومن مظاهر موالاة الكفار : 

1-    التشبه بهم في ملبسهم، والكلام وغيرها، لقول النبي صلى الله عليه:" مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ" ( رواه أبي داوود في سننه، كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، 144، ح 4031)، فيحرم التشبه بالكفار في خصائصهم من عادات وعبادات، وسمات، وأخلاق: كحلق الرأس، وإطالة الشوارب، والرطانة بلغتهم إلا عند الحاجة، وفي هيئة اللباس، والأكل والشرب، وغير ذلك.
2-    الإقامة في بلادهم، وعدم الانتقال منها إلى بلاد المسلمين، لأجل الفرار بالدين، ويستثنى بذلك المستضعفون، الذين لا يستطيعون الهجرة، وكذلك من كان في إقامته مصلحة دينية، كالدعوة إلى الله.
3-    السفر لبلادهم لغرض التنزه ومتعة النفس، فلو وجدت ضرورة كالعلاج والتجارة والتعليم للتخصصات النافعة التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالسفر إليهم، فيجوز بقدر الحاجة، فإذا انتهت الحاجة وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين، ويشترط لهذا السفر أن يكون مظهرًا لدينه معتزًا بإسلامه، مبتعدًا عن مواطن الشر.
4-    إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين، ومدحهم والذب عنهم، وهذا من نواقض الإسلام ومن أسباب الردة.
5-    الاستعانة بهم والثقة فيهم، وتوليهم المناصب التي فيها أسرار المسلمين.
6-    التأريخ بتاريخهم، وخصوصًا التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم، وهو من ابتداعهم، وليس من دين سيدنا عيسى، وإنما أرَّخ المسلمون بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
7-    مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها، أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها، قال تعالى : " وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ" ( الفرقان: 72)، قال غير واحد من العلم الزور أي أعياد المشركين.
8-    مدحهم والإشادة بهم بما هم عليه من المدنية والحضارة، والإعجاب بأخلاقهم، ومهاراتهم دون النظر إلى عقائدهم الباطلة.
9-    التسمي بأسمائهم مما يسبب الانفصال بين هذا الجيل والأجيال السابقة من جهة، والتآلف والمودة مع أصحاب الأسماء الأجنبية من الكفار.
   حكم الاستغفار لهم والترحم عليهم، قال تعالى:

}مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ{ ( التوبة: 113)
وقد ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكي وأبكى من حوله،  وقال صلى الله عليه وسلم: استأذنت ربي أن أستغفر لأميِّ فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي ) ( رواه مسلم في صحيحه،2015، كتاب الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، 433، 976)
حكم إلقاء التحية على غير المسلمين:
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ابتداء أهل الكتاب ( اليهود والنصارى) بالسلام، فقد روى مسلم في صحيحه( 2015، كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يرد عليهم، 1036، ح2167)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ.
فهذا نهي واضح عن الابتداء بالسلام، لكن إذا هم ألقوا السلام، فيعلمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم كيفية الرد عليهم، فقد روى مسلم في صحيحه ( 2015، كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يرد عليهم، 1035، ح 2163) عن أنس بن مالك: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم"، وذلك لأنهم كانوا يقولون السام عليكم أي الموت، فقد روى البخاري في صحيحه ( 2002، كتاب الاستئذان، باب كَيْفَ يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ السَّلاَمُ، عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : فَقَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ.
   هكذا لا تعارض بين مفهوم «الولاء والبراء» وبين منظومة الأخلاق في الإسلام، بل هو مندرج ضمنها وخاضع لأحكامها. فبُغْضُ الكفر لا يلزم عنه بغض الكافر لذاته، وإلا ما أمكن التعامل معه مطلقا، وهو عكس التوجيه القرآني الكريم وضد الثابت المتواتر من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في معاملته لأهل الكتاب خاصة، وللمشركين عامة، وما كان لهم منه - عليه الصلاة والسلام - من حُسن المعاملة، وإنما شُرع الولاء والبراء لحفظ الإسلام، وعدم الافتتان بالديانات الأخرى.




أسئلة التقويم:
1-      اشرح الآيتين التاليتين موضحًا أقسام غير المسلمين، قال تعالى:

(لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)]الممتحنة:8،9[
2-    اذكر موقفين من السنة النبوية تدل على حسن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لغير المسلمين.
3-    قال تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) ]المائدة: 8[
4-    اشرح الآية، واذكر مثالًا تطبيقيًا لها من السنة النبوية.
5-    فرِّق بين الولاء والبراء والبر والتسامح، وهل هما يتعارضان مع بعضهم البعض؟

6-    هل يجوز الاستغفار للمشركين والدعاء لهم بالرحمة؟ وما الدليل على ذلك؟

7-    ما حكم ابتداء المسلم بالسلام على أهل الكتاب، ومن وجهة نظرك هل  يتعارض هذا مع المعاملة الحسنة؟




0 التعليقات:

إرسال تعليق