الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018

تزين المرأة وحكم الشرع فيه


      




يهدف الإسلام إلى تكوين مجتمع مسلم متماسك مترابط يسوده الأمن والأمان، بعيدًا عما يثير الفتن التي تزعزع كيان أي مجتمع وتضعفه، ولأجل هذا أمرنا الله تعالى بتشريع كل ما يحفظ على الرجال أبصارهم، وعلى النساء أعراضهم، بإخفاء زينتها عن الأجانب
قال تعالى:
} وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبنائهن او أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعًا أيُّهَ المؤمنون لعلكم تفلحون{  )النور:31(
      والمراد بقوله تعالى :" ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" ما ظهر منها: أي ما تتزين به المرأة خارجًا عن أصل خلقتها كما هو معروف في لغة العرب، ولا يستلزم النظر إليه رؤية شىء من بدنها، كقول ابن مسعود ومن وافقه: إنها ظاهر الثياب لأن الثياب زينة لها خارجة عن أصل خلقتها وهي ظاهرة بحكم اضطراري .
ضوابط زينة المرأة:
       أباح الإسلام للمرأة أن تتجمل وتتزين، لكن ضبط هذه الزينة بضوابط بحيث تكون مقبولة شرعا، وتلبي فطرة المرأة، وتناسب أنوثتها. ومن هذه الضوابط:
1-    ألَّا تكون للتغرير والتدليس أو لتغيير خلقة الله:
خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم، وصوره فأحسن صورته، فمهما سعى الإنسان في تجميل وتغيير صورته وهيئته، وجعلها أفضل من الهيئة التي خلقه الله تعالى عليها فلن يستطيع، بل سيجد أنه شوه هذه الخلقة التي هي غاية الإتقان، قال: }لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ { )سورة التين : 4)، لذلك حرم الإسلام أي عمل فيه تغيير لخلق الله تعالى، ألَّا يكون للتغرير والتدليس: كوصل الشعر أو استعمال باروكة أو تركيب أسنان صناعية، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
( جاءت امرأة فقالت : يا رسول الله إن لي ابنة عريسا ، أصابتها حصبة ، فتمرق شعرها ، أفأصله ؟ فقال : لعن الله الواصلة والمستوصلة. (رواه مسلم في صحيحه، 2015، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات والمغيرات خلق الله1020،ح 2125)،  وكذلك حكم الوشم، ونمص الحواجب، والمتفلجات اللائي يجعلن فلجة بين أسنانهن للتزين، وقد استدل المحرمون لذلك بقوله تعالى على لسان الشيطان: } وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا{ (النساء: 119).


2-    ألَّا يكون فيها تشبه بالرجال:
لقد خلق الله تعالى الإنسان – الذكر والأنثى – على فطرة ارتضاه لهما، فلا يجوز أن تترجل المرأة ولا أن يتخلى الرجل عن رجولته
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسولُ اللَّه  صلَّى اللَّه عليه وسلَّم اْلمتشبهِين من الرجالِ بِالنِّساء واْلمتشبهات من النِّساء بِالرجالِ (رواه البخاري في صحيحه، 2002، كتاب اللباس، باب المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال، 1485، ح 5885)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا قال: لعن النَّبِي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المخنَّثين من الرجالِ، والمترجلات من النِّساء. (رواه البخاري في صحيحه، 2002، كتاب اللباس، باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت، 1485، ح 5886)، والعرف هو الذي يحدد كل ما يخص الجنسين.
3-    ألَّا يقصد بها التشبه بالنساء الكافرات:
لا يجوز للمرأة أن تتزين بزينة فيها تشبه بالكافرات، فقد ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم« من تشبه بِقومٍ فهو منهم » وعليه فإذا أرادت المرأة التزين عليها الابتعاد عن التشبه بالكافرات، خاصة وهم معادون للمسلمين، ويقاتلوننا في الدين، حيث قال تعالى:
}إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {   (سورة الممتحنة: 9(
      فعلى المسلمة الابتعاد عن التشبه بالمعاديات للمسلمين، لئلا تشابههم في الباطن إن قلدتهم في الظاهر، وقد تكون مادة التجميل مصنوعة من مادة نجسة كالخنزير، أو غيره، وكذلك قد يكون فيها تقليد عبادة لغير الله، أو شتم للمسلمين أو غيرها، فينبغي للمسلمة أن تراعي عدم تقليد الكافرات مع العلم أن صالون التجميل التي تقوم عليه مسلمة، تستطيع أن تميز بين المواد المباحة و المواد المحرمة في استخدامها، من خلال سؤالها لأهل الذكر، أو مكان الصنع، ومن أمثلة التشبه تدميم الأظافر أي طلاؤها بالمناكير وفيه حرمة حتى لو لم تظهر إلا للزوج او لم تطيل أظافرها وحتى إن كان في الحيض، وذلك لأن علة تحريمها أن بها تشبه بالكافرات، وإن قيل أنها تشبه الخضاب فالرد هوأن الرسول أمرنا بالخضاب مخالفة للكافرين شريطة أن لا يظهر أمام الأجانب، أما المناكير فهو من بدعهم وهديهم الظاهر، كما أن الخضاب خفيف ولا يمنع وصول الماء بعكس المناكير .
5 - ألَّا يكون فيها إسراف وتبذير
إذا كانت المرأة المسلمة تأخذ المباح من الزينة فإنه لا يجوز لها الإسراف في ذلك وإضاعة المال بحيث يبذل في غير فائدة دينية أو دنيوية، وأقبح من ذلك أن يبذل المال في الزينة المحرمة، فترتكب المرأة في هذا محظورين: إضاعة المال و ارتكاب المحرم فعلى المسلم أن يحافظ على المال وألا يبذله إلا فيما فيه مصلحة له دينية أو دنيوية قال تعالى: }إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا { (الإسراء، الآية: 27)
وجاء الحديث الشريف بقاعدة عظيمة في هذا المجال، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم
« لا ضرر ولا ضرار » فما ثبت أنه خبيث بشهادة النقل والعقل، وما ثبت أنه ضرر بشهادة الأطباء المختصين فإن الشرع يحرمه، عن مغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إِن اللَّه حرم عليكُم عقُوق الأُمهات، ومنعا وهات، ووأْد البنات، وكرِه لكُم: قيلَ وقالَ وكْثرة السؤَالِ، وإِضاعة المال" (رواه البخاري في صحيحه، 2002، كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر، ح 5975(
6 - ألَّا يكون في التجميل ضرر:
تحدث القرآن الكريم عن أصل ثابت في شريعتنا الإسلامية وهو تحريم الخبائث وإباحة المحرمات قال الله تعالى:
}الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {( الأعراف: 157)
والخبائث فيها ضرر للإنسان محقق، حيث يستقذرها الذوق السليم العام للناس في مجموعهم، وإن استساغها أفراد منهم، فالله نهى أن يضر الإنسان نفسه، فإذا كان في مادة التجميل ضرر فيحرم على المسلم استخدامها،لأن الله يريد صلاح الإنسان وعدم الإضرار به، أما إذا كانت من الطيبات التي لا تسبب الإضرار للإنسان فإنها تكون مباحة، فقد تستخدم المرأة مادة تؤدي إلى زوال الشعر عن رأسها على المدى البعيد،أو أن تؤذيه أو تضر جلدها وبشرتها، وفي هذا إضرار بجمالها، فلا يسمح لها شرعا أن تستخدمه.
7-    ألَّا تتعارض هذه الزينة مع نص شرعي:
سواء آية قرآنية أو حديث شريف، وذلك كإطالة الإظافر لتتناسب مع طلاء المناكير والبديكور للرجل مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل تقليم الأظافر سنة  في حديث :خمس من الفطرة الاستحداد والختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر ( رواه الترمذي في سننه، كتاب الأدب، باب ما جاء في تقليم الأظافر، 538،ح 2756)، والحكمة من قص الأظافر هي منع تجمع الأوساخ التي هي مظنة وجود الميكروبات الضارة التي يسهل انتقالها بالأيدي لمزاولة شئون الطعام والشراب،  ومنها أيضًا وصل الأظافر بأظافر صناعية أطول وأكثر بريقًا من الطبيعية، وهو من تلبيسات إبليس على النساء الذي توعد بالغواية وفيه مخالفات عدة، منها:
1-    تشبه بغير المسلمين.
2-    وصل ما لا يجوز وصله.
3-    التغيير من خلق الله.
4-    فساد وضوء وصلاة من ترتدي هذه الأظافر.

حكم اتخاذ الطيب والاكتحال للنساء:
        ومن أكثر أخطاء النساء  انتشارًا  التطيب بالطيب، وهو من مظاهر الزينة المباحة للنساء شريطة ألّا تظهره أمام الأجانب، دل على ذلك حديث عن أم عطية عن النبي صلى الله عليه وسلم: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب" (رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحيض، باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض، 86، ح313)، وبذلك دلَّ على جواز  التطيب والاكتحال في غير أيام الحداد، شريطة عدم إظهارهما أمام الأجانب لأنهما زينة، والدال على حرمة إظهار التطيب أمام الأجانب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس، فهي كذا وكذا، يعني زانية" ( رواه الترمذي في سننه، 2015، كتاب الأدب، باب ما جاء في كراهية خروج المرأة متعطرة، 542ح 2786)
شروط زي المرأة التي يجوز الظهور به أمام الأجانب:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" رواه مسلم في صحيحه، 2015، كتاب اللباس والزينة، باب النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات، 1021، ح 2128)


















نساء كاسيات عاريات أي يلبسن ضيق أو شفاف أو قصير، فهنّ كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة، مميلات مائلات أي يدعون غيرهم إلى الفساد ومنهم من فسرها بلبس الكعب العالي لأنه يجعل المرأة تمشي متمايلة، ورؤسهن كأسنمة البخت أي تنصيب رءوسهن فيجمعن عليها أشياء ضخمة تكبرها، مثل الصورة الآتية: 

مواصفات الزي الشرعي:
تتمثل مواصفات الزي الشرعي في الآتي:
1-    أن يستوعب جميع بدن المرأة: وقد أجاز الرسول عليه الصلاة والسلام إرخاء ذيول أثواب النساء لهذا الغرض في حديثه صلى الله عليه وسلم :" من جر ثوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبرًا، فقالت: إذًا تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعًا لا يزدن عليه".(رواه الترمذي في سننه، 2015، كتاب اللباس، باب ما جاء في جر ذيول النساء، 360، ح 1731).
2-    ألا يكون الثوب زينة في نفسه: لقوله تعالى: }  ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها{
( النور:31) أي لا يكون الثوب مزركشًا، أوعليه صور أو منقوشًا.
3-    أن يكون غير شفاف: ولا يصف حجم عظامها أي يكون فضفاضًا.
4-    ألَّا يكون مبخرًا أو مطيبًا.
5-    ألَّا يشبه لباس الرجال.

أسئلة التقويم:

1-    وفقًا لما ورد في الدرس ،قارني بين هاتين الفتاتين تبعًا لالتزامها لمواصفات الزي الشرعي

2-     اشرح الآية الآتية:
} وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبنائهن او أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعًا أيُّهَ المؤمنون لعلكم تفلحون{  )النور:31(
3-    ما علة تحريم كلٍ من:
تدميم الأظافر، إطالة الأظافر، وصل الشعر، لبس البنطال
4-    ما الدليل على تحريم كل من:
 نمص الحواجب، التطيب عند الخروج، الاكتحال عند الخروج.
5-    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 
"صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"
استنتج من الحديث أخطاء تقع فيها النساء عند لباسهن.
6-    ما أوجه الشبه والاختلاف بين الخضاب وطلاء المناكير وحكم كل منهما.
7-    اذكر دليلًا من القرآن أو السنة على جواز إرخاء ذيول النساء.
8-    ضع علامة (√) أو علامة (×) أمام العبارات الآتية:
أ‌-       يجوز خروج المرأة بالكحل.   
ب‌-  يجوز طلاء المناكير على الأظافر في فترة الحيض.
جـ- يجوز التطيب للمرأة شريطة ألا تظهره أمام الأجانب.
دـ-  يستحب التزين للزوج.
هـ-  يجوز وصل الشعر للمرأة إذا كان لمرض مثل: الصلع.
9-    اكتب رسالة إلى أختك المسلمة بعنوان : " احذري".


0 التعليقات:

إرسال تعليق